ترجمة وتحرير مريم الحمد
إذا كنت من المحظوظين يوماً بحضور صلاة الجمعة في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، ستلاحظ شيئاً مهماً، وهو انتشار المئات من الكشافة المميزين بزيهم وستراتهم السوداء بين حشود المصلين والزائرين للمسجد، يقومون على خدمة المصلين ومساعدة الذي فقد أحبته أو وجهته، أو فقد شيئاً من ممتلكاته، بالإضافة إلى تنظيم الدخول للمسجد بأمان عبر نقاط الدخول الضيقة للمنطقة المقدسة.
يمكن القول أنهم بمثابة عيون وآذان الأوقاف الإسلامية المسؤولة عن رعاية الحرم القدسي على الأرض، حتى إذا ما وقعت مشكلة ما، سارعوا بتداركها أو تحذير المسؤولين منها، فالكشافة الذين يعملون عن كثب مع الهلال الأحمر الفلسطيني، هم الذين يمهدون المسارات لسيارات الإسعاف والفرق الطبية لتتمكن من القيام بعملها.
بالفيديو | تقرير صفا: الكشافة الفلسطينية.. جنود مجهولون في ساحات المسجد الأقصى
يبرز عمل الكشافة الفلسطينية في خدمة الصائمين منذ عشرات السنين، ورعايتهم وراحتهم في باحات المسجد الأقصى المبارك، خلال شهر رمضان الفضيل.https://t.co/01hw72YToo— وكالة صفا (@SafaPs) May 6, 2021
ويقول نائب رئيس الكشافة الفلسطينية، محمد سوالمة، أن هدف المجموعة “السماح للناس بالصلاة بشكل مريح، خاصة للسياح وأهل الضفة الغربية الذين قد تكون هذه زيارتهم الأولى للأقصى”، فوجود الكشافة ليس مرتبطاً بتخفيض المخاطر ولكن بإيصال الناس بأمان إذا ما وقعت مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في ساحات المسجد أيضاً.
حس المسؤولية والواجب
في قاعدة صغيرة بالقرب من المصلى القبلي، يتمركز حوالي 800 كشاف يعملون في ساحات الحرم القدسي وينتشرون عند تسلم الأوامر، وتتكون الكشافة من أفراد مسلمين ومسيحيين يشاركون في المناسبات الدينية لكلا الطرفين معاً، فكما يتواجد الكشافة خلال رمضان والاحتفالات الإسلامية، يتواجدون أيضاً في مسيرات عيد الفصح وأعياد الميلاد.
يشارك الكشافة في أنشطة مجتمعية أو إغاثية داخل فلسطين وخارجها مثل حملات التبرع بالدم وتوزيع المواد الغذائية، وفي أمسيات رمضان، يقومون بدوريات في منطقة المسجد الأقصى، يوزعون التمر والماء قبيل الإفطار، ويقدمون الوجبات للمحتاجين.
تقوم مبادئ الكشافة الفلسطينيين على أن من واجبهم الحفاظ على أمن الأقصى وقدسيته، ولذلك يحاولون الانتشار في كل شبر فيه من الدرج إلى البوابات وقرب المصلى القبلي، ترصداً لاقتحامات الاحتلال، فالهدف الأساسي من الكشافة هو تزويد الشباب بالمهارات الشخصية التي تمكنهم من أن يكونوا مواطنين صالحين يساعدون الآخرين في المجتمع، خاصة في الأقصى الذي يرى الكشاف أن خدمة المصلين تحمل في طياتها شعوراً بالواجب الديني والمدني، وأن المسجد الأقصى مكان ذو مكانة خاصة يجب الحفاظ على السلام فيه.
الاحتلال الإسرائيلي
تعمل الكشافة في المسجد الأقصى منذ عقود، وككل جوانب الحياة الفلسطينية، فإن التصدي لتأثير الاحتلال الإسرائيلي هو أحد الاعتبارات الرئيسية في عملهم، فهم يبدؤون بالاستعداد لرمضان من 4 شهور أو أكثر، لأن الكشافة القادمين من المدن الأخرى بحاجة لاستصدار تصاريح إسرائيلية للدخول إلى المدينة المقدسة، وبعد كل هذا العناء قد يتم رفض التصريح وحرمان الكشاف من الوصول لأداء الواجب الذي يحب.
دائماً ما يحاول الاحتلال الإسرائيلي إعاقة عمل الكشافة في تنفيذ أنشطتها وواجباتها المجتمعية، فهي بحاجة لأخذ الإذن من الاحتلال لفعل كل شيء بداية من ارتداء الزي الرسمي واستخدام الأجهزة اللاسلكية، ولا يسمح الاحتلال للكشافة الفلسطينية وضع شعارها على جهاز التذبذب لأنه يحمل العلم الفلسطيني!
يحاول الاحتلال تقييد عمل الكشافة وحركتهم كبقية الشعب الفلسطيني، مما يجعل من الصعب على الكشافة الفلسطينية القادمة من مناطق فلسطين المختلفة التجمع والتدريب في مكان واحد، لا يتمكنون من التجمع معاً بشكل كامل إلا عند السفر خارج فلسطين فقط، ناهيك عن عزلة الكشافة في غزة جراء الحصار!
ورغم الصعوبات التي تواجهها الكشافة الفلسطينية، إلا أنها تتمسك بحقها في العمل المجتمعي النافع بين الناس، ولذلك تحاول البحث دوماً عن حلول للتحديات التي يصنعها الاحتلال، فللكشافة الفلسطينية تاريخ طويل بدأ منذ النكبة عام 1948 مروراً بالنكسة عام 1967 ومستمر باستمرار تحديات الشعب الفلسطيني، كشافة لن تموت أبداً.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)