بقلم أمير مخول
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
بإعلانه تجميد الاصلاح القضائي هذا الأسبوع، استسلم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لثلاث ضغوط.
يتمثل أول الضغوط بالاحتجاجات الجماهيرية غير المسبوقة و غير المتوقعة، التي كادت أن تتحول إلى حركة عصيان مدني، حيث عمت الاضطرابات الحياة الاقتصادية والاجتماعية على نطاق واسع، ووصلت المعارضة إلى الجيش وحتى إلى حزب الليكود الذي ينتمي إليه نتنياهو.
والثاني، كان ضغط الولايات المتحدة، فقد لعب تدخل إدارة الرئيس جو بايدن دورا مهماً في الأيام التي سبقت إعلان نتنياهو تجميد الإصلاحات، حيث أعلن بايدن الثلاثاء أن نتنياهو لن يُدعى إلى البيت الأبيض في أي وقت قريب، مما شكل ضغطاً مكثفاً على رئيس الوزراء.
أما الضغط الثالث، فجاء من حلفاء نتنياهو السياسيين، فمن أجل ضمان بقاء ائتلافه الحاكم، استسلم نتنياهو لرئيس حزب “القوة اليهودية” ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووافق على إنشاء حرس وطني تحت القيادة المباشرة لبن غفير.
بالإضافة إلى ذلك، أقر الكنيست الآن تشريعًا مؤقتًا يسمح للشرطة بتفتيش منازل المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل دون أمر قضائي، بذريعة مكافحة انتشار الأسلحة غير المرخصة في المجتمعات الفلسطينية.
أظهر بن غفير أيضًا دعماً صريحًا لإقالة وزير الدفاع يوآف غالانت في الأيام التي سبقت احتجاجات يوم الاثنين الحاشدة التي تبعها تجميد نتنياهو للإصلاحات.
تمت إقالة غالانت بشكل غير رسمي بعد أن تجرأ على مطالبة نتنياهو بالشروع في حوار مع المعارضة ووقف التشريع المقترح، ونقله تحذيرات من مخاطر إضعاف الجيش، بل وحتى تفككه وسط احتجاجات في صفوف عناصره.
ولتفادي تعاظم المعارضة داخل حزبه الليكود، أعلن نتنياهو إقالة غالانت دون تسليمه خطاب إقالة، وهتف بن غفير في تغريدة:” حان وقت الإصلاحات”.
إعلان الحرب
تم الإعلان عن الحرس الوطني لأول مرة من قبل الحكومة السابقة، بقيادة نفتالي بينيت ويائير لابيد، ردًا على الاحتجاجات الجماهيرية التي قام بها الفلسطينيون في إسرائيل في مايو 2021.
تتألف القوة من ضباط الخدمة الفعلية والاحتياط والمتطوعين الذين دربتهم الشرطة، وستكون مسؤولة أمام الشرطة الإسرائيلية والسلطات العسكرية.
ستستخدم هذه الميليشيا الخاصة التي تمولها الدولة لإعلان الحرب على المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، لكن الترتيب الجديد سيضع القوة مباشرة تحت سلطة بن غفير.
وهكذا أطلق السياسيون والمراقبون الإسرائيليون عليها اسم “ميليشيا خاصة” يمكن استخدامها ضد المعارضين السياسيين أو لقمع الاحتجاجات، ومع ذلك، فشل الكثيرون في الإشارة إلى الأهمية الحقيقية لإنشاء حرس وطني.
فالحكومة السابقة، تماشيا مع تقييمات الشاباك والشرطة في أعقاب احتجاجات مايو 2021، نظرت إلى المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل على أنهم جبهة معادية، ووضعت مخطط الحرس الوطني للمساعدة في منع انتفاضة مستقبلية.
واليوم، بموافقته على وضع الحرس الوطني تحت سلطة بن غفير بميزانية مليار شيكل، يجبر نتنياهو المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل على دفع ثمن الحفاظ على ائتلافه الهش، حيث ستوظف هذه الميليشيا الخاصة التي تمولها الدولة لإعلان الحرب عليهم.
وقد أثار المشروع انتقادات من الشرطة الإسرائيلية بشأن احتمالية تعارض عمل الحرس الوطني مع صلاحياتها.
التصعيد المتوقع
لا يبدو أن لدى نتنياهو ما يخسره في هذه الأزمة السياسية، بعد أن عرّض الاقتصاد وجهاز الأمن للخطر بالفعل.
بل إن قطاعات من هذه المنظومة ترى أن نتنياهو بات يمثل تهديدًا للأمن القومي في سعيه لتمرير “إصلاحاته القضائية”، التي وضعها منتدى كوهيليت للسياسة، وهو مؤسسة بحثية محافظة ممولة إلى حد كبير من المانحين الأمريكيين.
تمكن نتنياهو بالفعل من تمرير قانون الأسبوع الماضي يمكن أن يجنبه المحاكمة بتهم الفساد.
وبالنسبة لبن غفير، فإن “الإصلاحات القضائية” ستحرره من القيود الإجرائية والقانونية في سياسات الدولة المستمرة للقمع والتطهير العرقي بحق الفلسطينيين، سواء في أراضي عام 1948 أو في الضفة الغربية المحتلة.
كما أن “الإصلاحات” ستعمل على تعزيز خطة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش للضم من خلال إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية وطرد الفلسطينيين من المنطقة ج، كما حدث في هيجان المستوطنين بحوارة، حيث دعا سموتريتش علانية إلى القضاء على البلدة الفلسطينية ونفى وجود الفلسطينيين.
في النهاية، حافظ نتنياهو على ائتلافه الحاكم بجعل الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر يدفعون الثمن.
في حين أن المستقبل لا يزال مجهولا، فمن المؤكد أن الحركة الصهيونية الدينية ستواصل تصعيدها ضد الفلسطينيين في جميع أنحاء البلاد في الأيام والأسابيع المقبلة.