إيتمار بن غفير: تاريخ إجرامي وعنصري بغيض وشهوة جارفة للدم!

بقلم جوناثان كوك

ترجمة وتحرير نجاح خاطر 

عرف إيتامار بن غفير بعدائه الشديد للفلسطينيين، وقد أدين بالتحريض وتقديم الدعم لمنظمة صنفت بأنها “إرهابية”، ويعيش حالياً في واحدة من أكثر المستوطنات عنفًا واستفزازًا في الضفة الغربية المحتلة.

نجح حزبه “القوة اليهودية” مع فصائل يمينية متطرفة أخرى بإنشاء تحالف “الصهيونية الدينية” التي تملك أحزابها مجتمعة 14 مقعدا برلمانياً منحت نتنياهو أغلبية لتشكيل حكومة ائتلافية يمكنها تجنيبه المحاكمة بتهمة الفساد.

مقابل هذا الانخراط في التحالف حصل بن غفير على منصب وزير الأمن الداخلي في الحكومة المكونة من أحزاب عنصرية ودينية تنادي بيهودية دولة إسرائيل.

استفاد بن غفير من تمدد النزعة اليمينية المتطرفة في إسرائيل والتي تغذت على خطاب الحساسيات الأمنية وتقسيم المجتمع العربي إلى مجتمع موالي أو معادي إضافة إلى الهوس الديموغرافي الناجم عن زيادة وزن الكتلة العربية في إسرائيل على حساب الوجود اليهودي. 

دفعت كل هذه المعطيات الشارع الإسرائيلي لتوجه نحو الأيديولوجيا اليمينية المتطرفة التي يعتبر بن غفير أحد أبرز منظريها في السنوات الأخيرة. 

آخر الصامدين

وبن غفير الذي ولد لأبوين من أصول عراقية كردية في العام 1976، هو أحد تلاميذ الحاخام المتطرف مئير كاهانا، المعروف بعدائه الشديد للفلسطينيين والذي اغتيل قبل 31 عامًا، ويوصف بأنه مساعد كاهانا الوحيد الذي “لم يثبت تورطه في الإرهاب”، في حين منعت المحاكم فروع كاهانا الأخرى من الترشح للانتخابات.

ويعد حزب “القوة اليهودية” إعادة اختراع لحركة كاخ التي أسسها كاهانا وحظرت عام 1994، والتي كان بن غفير ناشطًا فيها في مراهقته.

خلال فترة ولايته الوحيدة في البرلمان، صاغ كهانا سلسلة من مشاريع القوانين المغالية في العنصرية بحق الفلسطينيين، وعلى ذات الخطى سار تلميذه بن غفير رغم زعمه الانفصال عن العناصر الأكثر تطرفاً في برنامج كاهانا. 

في عام 2007، أدين بن غفير بالتحريض على العنصرية ودعم جماعة إرهابية بعد أن رفع لافتة كتب عليها “اطردوا العرب”، وبعد أن عثر في سيارته على ملصقات لعبارات من ابتكار كهانا من قبيل: “نحن أو هم” و “هناك حل.. اطردوا العدو العربي”.

وخلال الحملة الانتخابية لـ “القوة اليهودية” طالب بن غفير بطرد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، الذين يشكلون خمس سكان البلاد، كما شجع رجال الشرطة على قتل الفلسطينيين.

يدعو البرنامج الرسمي للقوة اليهودية المتطرفة إلى منح الفلسطينيين في الأراضي المحتلة والأقلية الكبيرة من المواطنين الفلسطينيين داخل إسرائيل مكانة أدنى ومطالبتهم بإعلان ولائهم لدولة يهودية، أو مواجهة الطرد بوصفهم “أعداء”.

كما يحث الحزب على الضم الرسمي والاستيطان اليهودي للضفة الغربية بأكملها، في انتهاك للقانون الدولي، وإلى الاستيلاء على المسجد الأقصى في القدس المحتلة لوضعه تحت الملكية اليهودية.

وتمقت القوة اليهودية قيم الديمقراطية الليبرالية، وتطالب بأن تُدار الدولة وفقًا للقانون الديني اليهودي.

أبطال عنيفون

ومن بين مؤسسي حزب القوة اليهودية عدد من قادة كاخ، وبعضهم ممنوع من دخول الولايات المتحدة الأمريكية، وفي عام 2018، سخر بن غفير من الذين حظروا كاخ وقال أنهم “فشلوا”.

ويصف بن غفير كهانا بأنه “رجل مقدس، رجل صالح”، ويوقر أتباعه باروخ غولدشتاين، الذي قتل 29 مصليا مسلما عندما فتح النار عليهم وهم سجود في الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل عام 1994، حتى أن بن غفير ظل يعلق صورة غولدشتاين على جدار منزله في كريات أربع، بالقرب من الخليل إلى العام الماضي فقط.

ويُظهر مقطع نشر عام 1995 بن غفير مرتدياً زياً يمجد غولدشتاين في عيد المساخر اليهودي، وفي نفس العام، هدد بوصول اليمينيين إلى رئيس وزراء إسرائيل في ذلك الوقت العمالي إسحق رابين لقتله بسبب توقيعه اتفاقية أوسلو مع الفلسطينيين، وهو ما حصل فعلا بعد أسابيع.

نشط بن غفير كمحامٍ لتبرئة المستوطنين المتهمين بالتحريض والهجمات ضد الفلسطينيين، واشتهر في دفاعه عن المتهمين بحرق عائلة دوابشة في قرية دوما عام 2015، حيث قتل أب وأم وطفلهما الذي كان يبلغ من العمر 18 شهرًا حرقا حتى الموت في هجوم المستوطنين على منزلهم.

أوضح بن غفير خلال حملته الانتخابية أنه ينوي التأثير على الحكومة، وحث على استحداث منصب “وزير أمن الجليل والنقب” وهما منطقتان فيهما عدد كبير من المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، وتعهد بحماية اليهود من “سرقة الأراضي القومية” ومن “الإرهاب البدوي” المزعوم.

وعندما أصبح وزيراً، صار بإمكان بن غفير الوصول إلى معلومات حكومية سرية ثمينة تسهل هجمات المتطرفين على الفلسطينيين وإفلاتهم من القانون.

“ما يقوله بن غفير هو ما يعتقده الكثير من الإسرائيليين، حتى لو لم يصوتوا له” – جدعون ليفي، كاتب عمود في هآرتس

يملك بن غفير كل الحوافز ليثبت لليمين الإسرائيلي المتطرف المتزايد باستمرار أنه رجل عملي، وهدفه هو أن يصبح لاعبًا دائمًا في الكنيست الإسرائيلي.

ويصف جدعون ليفي الكاتب في صحيفة هآرتس “القوة اليهودية” بأنها حزب “نازي جديد”، رأى بصيص أمل في نجاح بن غفير.

لا شك أن كاهانا كان سيحتفل بالخطوات الحالية نحو ضم الضفة الغربية، وقانون الدولة القومية لعام 2018 الذي أعلن السيادة اليهودية الحصرية على الأرض، وخفض مستوى اللغة العربية، وهوس إسرائيل بالهوية اليهودية والبرامج التعليمية المخصصة لـ “القيم اليهودية”، وتكثيف الجهود للسيطرة على المسجد الأقصى المبارك، والمطالبات المتزايدة بـ “الولاء” من المواطنين الفلسطينيين، وحملة متجددة من تهويد الأراضي الفلسطينية داخل إسرائيل.

لقد لاحظ بن غفير كيف سادت أفكار كهانا أحزاب اليمين الرئيسية في إسرائيل، بما في ذلك حزب الليكود بزعامة نتنياهو.

وفي حفل تأبين لكاهانا قبل بضعة أشهر، ألقى زعيم القوة اليهودية خطابًا تكريمًا لمعلمه الراحل، وختمه بالقول:” أعتقد أنه ينظر من السماء ويبتسم”.

مقالات ذات صلة