تواجه المملكة العربية السعودية معارضة من بعض الدول العربية، بما في ذلك حلفائها الرئيسيين، بشأن خطط لإخراج الرئيس السوري بشار الأسد من العزلة قبل انعقاد قمة جامعة الدول العربية التي ستستضيفها المملكة في آيار/ مايو.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أمس الأربعاء نقلاً عن مسؤولين عرب أن خمسة أعضاء على الأقل من جامعة الدول العربية – بما في ذلك المغرب والكويت وقطر واليمن – رفضوا إعادة انضمام سوريا إلى الجامعة.
#جدة | معالي نائب وزير الخارجية #وليد_الخريجي @W_Elkhereiji يستقبل معالي وزير الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية الدكتور فيصل المقداد، وذلك لدى وصوله إلى مطار الملك عبدالعزيز في مدينة جدة pic.twitter.com/kEddMqqJly
— وزارة الخارجية 🇸🇦 (@KSAMOFA) April 12, 2023
وجاء في التقرير أنه حتى مصر، وهي تقليديا أحد أقرب شركاء المملكة العربية السعودية، أعربت عن تحفظاتها على التطبيع، بالرغم من اجتماع كبار الدبلوماسيين السوريين والمصريين مؤخرا في القاهرة.
وكان مسؤول كبير في المخابرات العربية قد قال سابقًا إن القاهرة قلقة من إعادة دمشق إلى جامعة الدول العربية بسبب مخاوف من عقوبات أمريكية.
وفي أعقاب الزلزالين المدمرين، كانت سوريا في خضم هجوم دبلوماسي، فبالإضافة إلى الانتقادات بشأن زيارات وزير خارجيتها إلى عواصم المنطقة، سافر الأسد إلى عمان والإمارات العربية المتحدة، لكن دمشق على ما يبدو قد تلقت القليل من المكاسب الملموسة.
ومن جانبها، خففت الولايات المتحدة بعض العقوبات على سوريا لمدة 180 يومًا للمعاملات المتعلقة بجهود الإغاثة من الزلزال، لكن البلاد لم تكن قادرة على الاستفادة من جيرانها الغنيين بالطاقة والمستثمرين الإقليميين لبدء تمويل إعادة الإعمار، والتي تقدر الأمم المتحدة أنها ستكلف حوالي 250 مليار دولار.
من جهتهم، يشعر الرافضون لعودة دمشق إلى الجامعة العربية بالإحباط لأن الأسد لم يتحرك قدما في موقفه، فهم يريدون رؤيته يتعامل بشكل هادف مع المعارضة السياسية السورية قبل إعادة قبول دمشق، بحسب وول ستريت جورنال.
كما ذكرت وول ستريت جورنال أن بعض الدول كررت مطالبتها بأن تقبل سوريا القوات العربية لحماية اللاجئين العائدين، وقمع تجارة المخدرات المزدهرة، وبذل المزيد لمنع إيران من تعميق وجودها في البلاد.
لكن المحللين والمسؤولين أثاروا تساؤلات حول ما إذا كان بإمكان الأسد تفعيل هذه السياسات، حتى لو أراد ذلك.
على الرغم من أن الأسد تمكن من استعادة معظم الأراضي السورية، إلا أن قواته قد استنزفت ويعتمد على وكلاء إيران.
كما راج تهريب الكبتاغون، وهو عقار الأمفيتامين الذي يسبب الإدمان، إلى دول الخليج الأكثر ثراءً، باعتباره التجارة الأكثر قيمة في الدولة التي مزقتها الحرب ومصدرًا رئيسيًا للدخل للحكومة في دمشق.
يُعتقد أن ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري الذي يرأس الفرقة الرابعة سيئة السمعة في الجيش العربي السوري، يسيطر على شبكة واسعة لتجارة كبتاغون، إلى جانب أفراد من عائلة الأسد، وفقًا لتحقيقات أجرتها وسائل إخبارية بما في ذلك نيويورك تايمز.
مناورة المملكة العربية السعودية
يسلط التقرير الضوء أيضا على العقبات المحتملة التي يواجهها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بينما يتطلع إلى تعديل الخريطة الجيوسياسية للمنطقة، مع ظهور سوريا كأحدث قطعة شطرنج في مناورة السياسة الخارجية المستقلة للرياض.
ففي شهر آذار/ مارس، وافقت السعودية على إعادة العلاقات مع إيران، أحد الداعمين الرئيسيين للأسد، في صفقة توسطت فيها الصين، وبعد أسابيع قليلة، حثت المملكة الدول الزميلة في أوبك على إجراء تخفيضات “طوعية” في إنتاجها النفطي يمكن أن تزيل مليون برميل من النفط الخام يوميًا من السوق العالمية.
في البداية، قادت الإمارات جهودًا لإحياء العلاقات مع دمشق، لكن المملكة العربية السعودية قد تجد أن تحقيق توافق في الآراء بشأن سوريا بين دولها العربية هو أصعب من ترتيب تخفيضات النفط.
فكل دولة لديها طلبات منفصلة، وبحسب وول ستريت جورنال، فإن المغرب يريد أن يرى الأسد ينهي دعمه لجبهة البوليساريو، وهي حركة متمردة تقاتل الرباط من أجل استقلال الصحراء الغربية.
وبينت وول ستريت جورنال أنه حتى الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، ومقرها الرياض، تراجعت عن حلفائها السعوديين، مشيرة إلى دعم سوريا للمتمردين الحوثيين.
تتفاوض السعودية على هدنة مع الحوثيين المتحالفين مع إيران، حيث توجه السفير السعودي محمد الجابر هذا الأسبوع إلى صنعاء، العاصمة اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون، في زيارة تاريخية للتفاوض على “حل سياسي شامل” بين الحوثيين والحكومة المخلوعة.
وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية وقطر أحرزتا تقدمًا في إصلاح العلاقات منذ الخلاف بينهما، إلا أن الدوحة استبعدت علنًا التطبيع.
جاء تقرير وول ستريت جورنال خلال زيارة وزير الخارجية السوري لمدينة جدة السعودية المطلة على البحر الأحمر للقاء نظيره السعودي.
وقالت وزارة الخارجية السعودية إن الجانبين سيناقشان “الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يحفظ وحدة سوريا وأمنها واستقرارها”.
ومن المقرر أن تستضيف المملكة العربية السعودية، الجمعة، اجتماعا لوزراء خارجية المنطقة لبحث عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية، حيث يمكن لسوريا أن تعود بدعم من أغلبية بسيطة، ولكنها تحتاج إلى إجماع لكي تكون ملزمة لجميع الأعضاء.