ترجمة وتحرير مريم الحمد
“الطنطورة” فيلم وثائقي من إخراج الإسرائيلي ألون شوارتز، يحتوي على روايات شهود عيان على جريمة التطهير العرقي التي حلت بالقرية الفلسطينية الساحلية على يد جنود إسرائيليين خلال نكبة عام 1948، ومن المنتظر أن يتم عرضه للمرة الاولى تزامناً مع ذكرى النكبة في 22 مايو القادم في الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون في لندن، وبتنظيم من المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين.
ويتمحور الفيلم حول اعترافات الجنود من لواء “اسكندروني” الإسرائيلي ومشاركتهم في تدمير القرية وقتل الأهالي بالإضافة إلى شهادة بعض الناجين الفلسطينيين، وذلك إبان النكبة الفلسطينية التي صاحبها قيام دولة إسرائيل على يد الميليشيات الصهيونية.
تم عرض الفيلم سابقاً في نيويورك ضمن مهرجان أفلام “إسرائيل الأخرى” باعتباره أحد أضخم الأفلام الإسرائيلية المنتجة عام 2022، فكيف بدأت قصة الفيلم؟ وإلى ماذا استند المخرج الإسرائيلي في روايته ومعلوماته؟
"الفيلم محارَب الآن من قبل جهاز الشاباك الإسرائيلي"..
وثائقي إسرائيلي يكشف تفاصيل مروعة عن مجزرة قرية الطنطورة الفلسطينية في 1948. pic.twitter.com/Fq5w1hrFna— AJ+ عربي (@ajplusarabi) December 8, 2022
أشار شوارتز إلى أنه استند في رواية الفيلم على ما جمعه الباحث الإسرائيلي تيدي كاتس من شهادات صوتية من الجنود الحاضرين، ودراسة صور الأقمار الصناعية لموقع يعتقد أنه يحتوي على مقبرة جماعية لضحايا المجزرة، فقد أجرى كاتس مقابلات مع 135 شخصاً شهدوا عمليات القتل ما بين يهود وعرب، ووثق قتل ما يقارب 300 قروي فلسطيني في الطنطورة، تم نقلهم من منازلهم إلى الخارج قبل إطلاق النار عليهم.
إنكار المجزرة!
لقد تسبب نشر كاتز لنتائج بحثه عام 2000 بصدمة كبيرة داخل الأوساط السياسية والأكاديمية الإسرائيلية، التي حرصت على نفي وقوع المجزرة لعقود، فقام عدد من الجنود المتقاعدين في لواء “اسكندروني” المتورط برفع دعوى قضائية ضد كاتس بتهمة التشهير.
لم تكن جلسات القضية لصالح كاتس، فقد رفض القضاة في كل الجلسات الاستماع للشهادات التي جمعها كاتس، الأمر الذي ترك كاتس أمام ضغط كبير تسبب في توقيعه بالنهاية على وثيقة تنفي وقوع المجزرة!
نادراً ما يتم نقاش عام داخل الأوساط الإسرائيلية حول ما حصل من تفاصيل النكبة، لكن مجموعة من المؤرخين المعروفين باسم “المؤرخين الجدد” في إسرائيل، قاموا بإعادة النظر في أحداث عام 1948 وجمع الوثائق والشهادات التاريخية التي تثبت وجود الانتهاكات الكبيرة التي صاحبت تلك الفترة الزمنية، من بينهم الأكاديمي في جاكعة إستر، إيلان بابيه، الذي جمع عشرات الشهادات التاريخية والسجلات التي توضح وجود خطط متعمدة لإخلاء الأراضي الفلسطينية بالقوة، من أجل إفساح المجال لاستيطان اليهود الإسرائيليين.
ردود الفعل
في فيلمه، يقوم شوارتز بدور الراوي في نص بناه على معلومات كاتس، فيقوم بإجراء المقابلات مع المشاركين في المجزرة الذين أصبحوا اليوم من المسنين، كما يتضمن الفيلم مقابلات مع إسرائيليين أصروا على نفي وقوع أي قتل بحق الفلسطينيين، مقابل فلسطينيين تحدثوا عن رؤية جثث أقاربهم رأي العين!
في أحد التسجيلات التي سجلها كاتس ونقلها الفيلم، يقول رجل بالعبرية “لقد وضعوهم في برميل وأطلقوا النار على البرميل، أنا أتذكر الدم الذي كان على البرميل جيداً”
منذ صدوره قبل عام تقريباً، حصل الفيلم على تقييم 93% على موقع Rotten Tomatoes الشهير في تقييم الأفلام، كما أشارت لوس أنجلوس تايمز إلى أنه “فيلم ذو رؤية ثاقبة ومثيرة للغضب”، فيما أشارت مجلة “فراييتي” إلى أن الفيلم كان “انفجاراً مفاجئاً أثار مخاوف إسرائيل من تكشف الحقيقة”.
مع اقتراب الذكرى 75 للنكبة في مايو 2023، فتحت أوساط الإسرائيليين نار الانتقاد للأفلام التي تتحدث عن النكبة، فقد أدانت وزيرة الثقافة الإسرائيلية، هيلي تروبر، فيلم “فرحة” الذي عرضته نتفليكس في الأول من ديسمبر 2022، ووصفته بأنه “كذب وتشهير”، وانضمت بذلك إلى جوقة الإسرائيليين الذين أدانوا الفيلم أيضاً، ومنهم الوزير السابق أفيغدور ليبرمان الذي قال “من الجنون أن تقوم نتفليكس ببث فيلم يهدف لخلق ذريعة كاذبة والتحريض على الجنود الإسرائيليين”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)