في حزيران/يونيو من العام الماضي، انتاب أنصار حزب العدالة والتنمية الحاكم الشعور بالقلق جراء انخفاض نسبة تأييد الحزب إلى ما دون 30% في استطلاعات الرأي.
كان التضخم السنوي في ارتفاع، وواصلت الليرة التركية انخفاضها، ولم يعرف الكثير من الناس كيف يمكن للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يحدد يوم الأحد القادم موعداً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
لكن أردوغان ومساعديه وضعوا خطة تعتمد على تعزيز الأجور للقطاعين العام والخاص، وتيسير القروض لامتلاك المنازل، وإطلاق عفو عن الضرائب غير المدفوعة، والبدء بحملة توظيف كبيرة في القطاع العام.
ولتحقيق استقرار الليرة، عززت الحكومة التركية واردات البنك المركزي من أموال روسيا والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة وأذربيجان.
هكذا اختتم رجب طيب اردوغان وأنصاره عشية الانتخابات التركية بصلاة العشاء في مسجد آيا صوفيا مرددين "بسم الله" ختامها صلاة .. وقد قرأ المصلون سورة الفتح
وهذا إن دل فإنما يدل على إسلامية تركيا رغم أنف العلمانيين!
الله ينصركم وفالكم الفوز يا حزب العدالة والتنمية ✌🏻#تركيا #اردوغان… pic.twitter.com/xqQgS0N3i5— 🇶🇦 مــريــم آل ثــانــي (@ALThani_M) May 13, 2023
لقد أثرت هذه الإجراءات في الشارع شهراً بعد آخر، فارتفع رصيد حزب العدالة والتنمية ليقفز ست نقاط بين يونيو ويناير الماضيين.
وبحسب مسؤول كبير في الحزب فإن الزلزالين التوأمين اللذين دمرا جنوب البلاد في شباط/ فبراير لم يقوضا شعبية أردوغان، ولم يوقفا تعافي حزبه، لكنهما غيرا اتجاه الحملة التي يقوم بها لكسب الرأي العام.
فقد أصبح أردوغان هو الباني للبيوت المهدمة وللوحدة الوطنية كذلك، بعدما أوقف نقده المعتاد للمعارضة وبدأ في التأكيد على رؤيته لمستقبل مجيد ومؤثر أطلق عليه اسم “القرن التركي”.
كما بدأ في الكشف عن مشاريع صناعات الدفاع التركية عبر عرض المبادرات الوطنية التي تثير فخر الجمهور.
وقال المسؤول الكبير “أردنا أن نظهر للجميع الأشياء التي قدمناها بالفعل بينما كانت المعارضة منشغلة بمعارك لاختيار مرشح مشترك”.
تصعيد التوتر
تصور مسؤولو حزب العدالة والتنمية في البداية فترة حملة دعائية هادئة، معتقدين أن زيادة التوتر لن تساعد الرئيس.
ولكن مع انتهاء شهر رمضان المبارك، قرر الحزب تغيير استراتيجيته عبر الشروع في ربط تحالف المعارضة المكون من ستة أحزاب بحزب الشعوب الديمقراطي الكردي.
ويبدي قادة حملة الحزب إدراكاً كبيراً لصعوبة المهمة، حيث أكد المسؤول أن “هذه ليست انتخابات سهلة، والهوامش ضيقة جداً”.
كافح أردوغان لجمع أكثر من 45% من الأصوات، فازداد استقطاب الحملة، حيث قال مسؤول ثان في الحزب أن الاستطلاعات تشير إلى أن “اتفاق المعارضة غير الرسمي مع حزب الشعوب الديمقراطي يمثل ميزة واضحة لنا”.
وتظهر استطلاعات الرأي تقارباً كبيراً بين أردوغان ومرشح المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو الذي كان التحالف بين حزبه الشعب الجمهوري وهو من يسار الوسط وخمسة أحزاب يمينية يمثل تحدياً كبيراً.
لكن كيليتشدار أوغلو لا يحظى بفرصة كبيرة إذا لم يحصل على دعم من حزب الشعوب الديمقراطي والأكراد بشكل عام، لأن التحالف اليساري الذي يضم حزب الشعوب الديمقراطي ليس جزءاً من طاولة الستة وإن كان يدعم كيليجدار أوغلو.
وخلال الأسابيع الأخيرة، تمثلت الإستراتيجية الجديدة لحزب العدالة والتنمية بتكرار الهجوم على كيليتشدار أوغلو واتهامه بالتعاون مع الإرهابيين من حزب العمال الكردستاني.
ووفقاً لأحد المستطلعة آراؤهم في أنقرة فإن كيليتشدار أوغلو لن يجذب شرائح واسعة من الجمهور بسبب “هويته العلوية، وحقيقة أنه يقود حزب الشعب الجمهوري، الذي تعيد سياساته العلمانية والقومية التركية ذكريات سيئة للمحافظين المتدينين والأكراد”.
وقال أحد المقربين من الرئيس أن أردوغان، ولتلك الأسباب بالتحديد، فضل حملة استقطابية منذ البداية، لكن أقرب مستشاريه رفضوا ذلك.
في المقابل، يمكن لكليتشدار أوغلو أن يعزف على وتر أزمة تكاليف المعيشة دون تعرض حملته لعواقب سلبية.
فبينما كان أردوغان يطلق حاملة طائرات صغيرة كان منافسه ينتقد ارتفاع سعر البصل.
لقد تعمد مسؤولو حزب العدالة والتنمية تجنب أزمة تكلفة المعيشة في حملتهم، وهي قضية يُنظر إليها كنقطة ضعف تتعلق بسياسة الرئيس الاقتصادية التي تتبنى خفض أسعار الفائدة.
وبدلاً من ذلك، يتحدث أردوغان عن “قيم الأسرة”، متهماً المعارضة بتقويضها من خلال تقديم الدعم لحركات مجتمع الميم.
ووفقاً لمسؤول في الحزب فإن اردوغان ليس على اتصال بالجيل الجديد و لا يؤمن بتغييرات الأجيال أو الفروق الدقيقة.
وقال المسؤول الكبير:” إن أردوغان لا يعتقد أن الجيل زد موجود”، إنه يعتقد أن هناك ناخبين فقط.
وسيشارك ما يقرب من خمسة ملايين ناخب لأول مرة، جميعهم من الجيل زد في الانتخابات.
وأوضح المسؤول الكبير:” الجيل زد لا يهتم بالمسائل المحافظة، العديد من أبناء زملائنا لن يصوتوا لأردوغان، نحن نفهم طبيعة الأشياء، روح العصر، لكن ليس من السهل نقل هذه المعرفة إلى الرئيس”.
ومع ذلك، فقد بدأ خطاب أردوغان الاستقطابي وعطايا حملته الانتخابية في التأثير على الناخبين، مما مكنه من جمع أعلى من 45% في استطلاعات حزب العدالة والتنمية.
وقال مسؤولون إن العديد من استطلاعات الرأي التي أجراها الحزب في مايو تشير إلى أن أردوغان لا يزال متقدمًا في الجولة الأولى وسيفوز بهامش ضيق جدًا في جولة الإعادة، والتي ستجرى بعد أسبوعين من انتخابات الأحد إذا لم يحصل أي مرشح على أكثر من نصف الأصوات.
ويتناقض هذا التقييم مع استطلاعات الرأي التي صدرت يوم الخميس، والتي تعطي الأفضلية لكيلتشدار أوغلو، الذي يتمتع بحوالي 49%.
ويوم الخميس، انسحب مرشح المعارضة المنشق محرم إنجه الذي كان يستحوذ على حوالي 2% من السباق بعد حملة تشهير ضده من قبل المعارضة.
وتوقع البعض أن بعض أن تؤول أصوات أنصار إنجه إلى كيلتشدار أوغلو وتمكنه من تخطي حد الـ 50%، لكن آخرين يعتقدون أن انسحابه سيفيد أردوغان.
وإذا ذهبت الانتخابات الرئاسية إلى جولة الإعادة، فإن مسؤولي حزب العدالة والتنمية سيذهبون إلى خطاب عاطفي يركز على أهمية فوز أردوغان بولاية أخيرة.
ووفقاً للمسؤول الكبير:” إذا تمكنا من الاحتفاظ بالأغلبية في البرلمان، فسيكون ذلك بمثابة دعم نفسي لنا”.