في 15 من مايو في كل عام، يحيي ملايين الفلسطينيين حول العالم ذكرى النكبة الفلسطينية التي وقعت عام 1948 وعلى إثرها احتلت معظم فلسطين التاريخية، فالنكبة تعني الكارثة في إشارة إلى التطهير العرقي الذي تعرض له الفلسطينيون على يد الميليشيات الصهيونية، من أجل التمهيد لإنشاء دولة إسرائيل.
خلال سنوات الانتداب البريطاني تضاعف عدد اليهود 10 أضعاف خلال 15 عاماً تقريباً من 60 ألف يهودي إلى 700 ألف بحلول عام 1948
قتلت القوات الصهيونية آلاف الفلسطينيين ودمرت مئات القرى وقامت بتهجير 80% من السكان الفلسطينيين من وطنهم، وتم إعلان إسرائيل على 78% من أرض فلسطين التاريخية، قبل أن تحتل إسرائيل نسبة 22% المتبقية بعد ذلك بـ 19 عاماً عام 1967 حتى يومنا هذا.
قبل النكبة
ظلت فلسطين جزءاً من الإمبراطورية العثمانية لمئات السنين، حتى احتلتها بريطانيا مع نهايات الحرب العالمية الأولى عام 1917، فمنحت هيئة عصبة الأمم آنذاك بريطانيا ما أسمته “انتداباً” على فلسطين، دون الرجوع إلى رغبة سكانها الأصليين.
كان الهدف المعلن للانتداب هو “تقديم المساعدة والمشورة للسكان الأصليين حتى يصبحوا قادرين على الوقوف كدولة مستقلة”، ولكن أُضيف إلى ذلك وعد بلفور الذي تعهدت بموجبه بريطانيا بإقامة “وطن قومي لليهود” الذين لم تكن تتجاوز نسبتهم 10% آنذاك.
خلال سنوات الانتداب التي امتدت بين 1923-1948، قامت بريطانيا بتسهيل هجرة يهود أوروبا إلى فلسطين، فتضاعف عددهم 10 أضعاف خلال 15 عاماً تقريباً، فبعد أن كانوا 60 ألف يهودي صاروا 700 ألف بحلول عام 1948، عام النكبة.
من جانب آخر، تحيز الإنجليز لليهود وقاموا بتدريب الجماعات الصهيونية المسلحة وتزويدهم بالسلاح، ومنحهم ما يشبه الحكم الذاتي بشكل ما، كما قامت القوات البريطانية بقمع السكان الفلسطينيين الأصليين بعنف خلال الثورات الشعبية التي دعت للاستقلال و رفضت الهجرة اليهودية.
خلال 5 أشهر فقط طُرد حوالي 175 ألف فلسطيني كما دُمرت واحتلت حوالي 200 قرية ومركز حضري
وفي فبراير عام 1947، أعلنت بريطانيا البدء بإنهاء الانتداب وإحالة قضية فلسطين إلى الأمم المتحدة، التي تبنت خطة التقسيم في نوفمبر من ذلك العام، وقسمت فلسطين إلى قسمين، 55% لليهود، و45% للعرب مع إبقاء القدس تحت الوصاية الدولية، وبالطبع لم يأخذ أحداً رأي الفلسطينيين.
النكبة
أخذت هجمات العصابات الصهيونية الممنهجة بالتزايد تدريجياً، حتى بلغت ذروة تصاعدها بعد قرار التقسيم عام 1947، وذلك لإجبار الفلسطينيين على الخروج من مناطقهم، وكانت خطة “داليت” من أهم الخطط الصهيونية التي دعت إلى تدمير القرى من خلال إشعال النار فيها وتفجيرها وزرع الألغام في الأنقاض، كما نصت على أنه “في حالة المقاومة يجب تدمير القوة المسلحة وطرد السكان خارج حدود الدولة”.
استخدمت القوات الصهيونية تكتيكات مختلفة لإرغام الفلسطينيين على الخروج، بما في ذلك حملات القصف والمجازر والحرب النفسية وغيرها، كان القتل عشوائياً حتى أن الكثير دُفنوا في مقابر جماعية، وخلال 5 أشهر فقط، طُرد حوالي 175 ألف فلسطيني كما دُمرت واحتلت حوالي 200 قرية ومركز حضري.
في 14 مايو عام 1948، تم إعلان قيام دولة إسرائيل من جانب واحد، تبعه إعلان إنهاء الانتداب البريطاني في اليوم التالي مباشرة، ثم دخلت الجيوش العربية في معركة مع المحتل الجديد من أجل استرداد فلسطين، لكن القتال انتهى باتفاق هدنة بين إسرائيل والدول العربية بحلول يوليو عام 1949.
بالمحصلة، استولت إسرائيل على 78% من فلسطين التاريخية، فيما ظلت مساحة 22% المتبقية تحت سيطرة الجيوش العربية.
ما بعد النكبة
مع نهاية الحرب العربية الإسرائيلية، كانت القوات الصهيونية قد قتلت أكثر من 13 ألف فلسطيني، ودمرت وأخلت حوالي 530 قرية وبلدة، وارتكبت ما لا يقل عن 30 مجزرة، طُرد معظم السكان ولم يبقَ إلا حوالي 150 ألف فلسطيني داخل المناطق التي تم احتلالها عام 1948.
أصدرت الدولة الإسرائيلية التي نشأت حديثاً قوانين صادرت بموجبها ممتلكات فلسطينية وأصولاً تركها الفلسطينيون الذين هُجروا خلفهم، من منازل وأراضٍ ونقود وأسهم وأثاث وشركات وأصول منقولة وغيرها، كما تم إصدار ما أُطلق عليه “قانون العودة”، الذي يمنح الجنسية الإسرائيلية لليهود الذين يأتون إلى إسرائيل، بينما يحرم اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى وطنهم.
يوجد اليوم 5.8 مليون لاجئ فلسطيني مسجل، يعيشون في عشرات المخيمات في الضفة وغزة والأردن وسوريا ولبنان وحول العالم، فيما يبلغ عدد الفلسطينيين الذين حصلوا على الجنسية الإسرائيلية حوالي 2 مليون فلسطيني.
في كل عام في نفس التاريخ، 15 مايو، يحيي الفلسطينيون حول العالم ذكرى النكبة التي ما زالت مستمرة بأشكال مختلفة حتى اليوم، بين حرب و احتلال وحصار وهدم منازل ومصادرة للأراضي واعتقال وقتل وحرمان من العودة وغيرها.