بقلم ساهرة درباس
ترجمة وتحرير مريم الحمد
تخضع مدينة حيفا الساحلية للسيطرة الإسرائيلية حتى أنها أخذت الكثير من الطابع المعماري الأوروبي، فبدلاً من اكتنازها بأشجار الزيتون واللوز اللتين ارتبطتا كسمة مشتركة بين مدن فلسطين، إلا أن حيفا تكتنز بأشجار الصنوبر التي تم زرعها بكثافة في أرجاء المدينة.
في نكبة عام 1948، طردت الميليشيات الصهيونية أكثر من 750 ألف فلسطيني قسراً من منازلهم من أجل إفساح المجال لليهود تمهيداً لإقامة دولتهم، وعلى إثر ذلك حصلت تغييرات كبيرة في أجزاء من حيفا، فتم استبدال المنازل الفلسطينية التقليدية بناطحات سحاب وعمارة أكثر حداثة، حتى أصبح من الصعب العثور على منزل فلسطيني تقليدي، خاصة في منطقة وادي صليب التي تطل على البحر المتوسط والتي كانت حياً فلسطينياً صاخباً في يوم ما.
قبل نكبة 48، كانت كنيسة القديس إلياس للروم الأرثودكس من المعالم الرئيسية في منطقة وادي صليب، ولكن بعد طرد الفلسطينيين من المنازل المحيطة بالكنيسة، احتل المنطقة مهاجرون يهود من أمريكا الشمالية واستقروا فيها، فيما مُنع الفلسطينيون من السكن فيها بحجة أن الحي مهدد بالهدم وأن المباني ليست بحالة جيدة، حيث كانت الجرافات مشهداً مألوفاً في المنطقة، فتم تسوية منازل الفلسطينيين بالأرض لتغيير البنية التحتية للمنطقة، وتحول الحي إلى مكان للمكاتب الحكومية وشقق لفنانين ومشاهير!
بعد احتلال حيفا في أبريل من العام 1948، كان قد هُدم المسجد الكبير، المعروف بمسجد جرينا، في منطقة وادي صليب بشكل جزئي جراء الهجمات الصهيونية العنيفة، ويتميز المسجد بالعمارة العثمانية حيث شُيد عام 1775، وهو من أقدم المساجد في المدينة، قبل النكبة كان المسجد محاطاً بسوق عُرف بـ “سوق الشوام”، دمر معظمه وأصبح مهجوراً بالكامل.
اشتهر حي النسناس بفرنه الخشبي الذي تم بيعه بالنهاية إلى شركة حكومية إسرائيلية
على الواجهة الجنوبية من المسجد، يقع برج الساعة المكون من 6 طوابق وله قبة تعلوها هلال، وهو واحد من 7 تصاميم مماثلة في أرجاء فلسطين، أحدها في قلب نابلس حتى اليوم.
أصبحت المنطقة اليوم تُعرف عربياً بـ “برج الشراع” وعبرياً بـ “بيت هامفراس”، بالإضافة إلى ناطحة سحاب كبيرة ومباني حكومية، وفي عام 2011، تم ترميم بعض بقايا المسجد المدمر من قبل مؤسسة الأقصى للأوقاف والتراث بالتعاون من جمعية التراث التركي.
بعد النكبة تمت إعادة تسمية الشارع المؤدي لحدائق البهائيين من شارع الكرمل إلى شارع بن غوريون!
حي النسناس هو أحد الأحياء الفلسطينية التقليدية الموجودة في حيفا حتى اليوم، اشتهر بفرنه الخشبي الذي تم بيعه بالنهاية إلى شركة حكومية إسرائيلية، قبل النكبة، كان الناس يصنعون عجينتهم في البيت ثم يحملونها إلى المخبز لخبزها على الحطب، وفي المناسبات الخاصة، مثل الأعياد الدينية الإسلامية أو المسيحية، كان الناس يقفون طوابير على باب المخبز لخبز صواني الكعك والمعمول، لكن المبنى هُدم بالكامل في فبراير عام 2018، واستبدل بشقق سكنية وموقف للسيارات، واختفت معالم المنطقة التقليدية بشكل كامل.
وتعد حدائق البهائيين أحد أهم المعالم الرئيسية التي تُعرف بها حيفا اليوم، فقد تم إنشاؤها كضريح للطائفة البهائية، الدين الذي نشأ بالأصل في بلاد فارس في القرن 19، وبدأ البناء عليه عام 1987 واكتمل عام 2001، ويتكون من 1500 درجة إلى القمة، وفي السابق، كانت منطقة الحديقة منطقة سكنية فلسطينية تم هدمها بالكامل في قاعدة الجبل.
ومن أشهر عائلتها التي تم طردها عائلة رينو، الذين كانوا تجاراً في ميناء حيفا قبل أن يتم تهجيرهم مع النكبة، وبعد النكبة تمت إعادة تسمية الشارع المؤدي لحدائق البهائيين من شارع الكرمل إلى شارع بن غوريون!
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)