في نهاية يوم السبت المأساوي في روسيا، راقب العالم عن كثب انتهاء التمرد ونفي زعيم مرتزقة فاغنر، التي استولت على مقرات الجيش في روستوف أون دون جنوب البلاد، يفغيني بريجوزين، إلى بيلاروسيا التي توسط لأنهاء التمرد.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، طفت على السطح ردات فعل المسؤولين ووسائل الإعلام والنشطاء في دول العالم ومن ضمنها الشرق الأوسط وأفريقيا التي ينشط مرتزقة فاغنر فيها.
سوريا
وتنشط فاغنر عسكريا في سوريا منذ 2015 عندما انتشر مرتزقتها للقتال إلى جانب قوات الرئيس بشار الأسد، وفيها وقعت المواجهة المباشرة الوحيدة لفاغنر مع القوات الأمريكية عام 2018.
يتمثل أحد الأدوار الرئيسية لفاغنر هناك اليوم في توفير الأمن لحقول النفط والغاز والفوسفات في الأجزاء الوسطى والشرقية من البلاد.
وقال مالك الكردي، القائد السابق للجيش السوري الحر، إن تمرد فاغنر قد يضعف الوجود العسكري الروسي، ويحد من قدرة موسكو على القيام بدورها السابق في سوريا، وإدارة إعادة تأهيل نظام بشار الأسد.
واحتفى بعض المعلقين السوريين المعارضين بالاضطرابات الداخلية في روسيا، معتبرين أن فاغنر وبوتين وجهان لعملة واحدة، كمجرمي حرب.
وقال الصحفي نضال العماري “نحن بالتأكيد سعداء برؤية الحرب بينهما وهذا ما نريده، لقد دمر فاغنر وبوتين سوريا وقتلا آلاف الأبرياء، مثلما فعلوا في أوكرانيا، اللعنة على كليهما، واصلوا حربكم، نحن سعداء للغاية “.
أما رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره المملكة المتحدة، فكتب يوم الاثنين:” يبدو أن القوات الروسية ردت على تمرد فاغنر بقتل الشعب السوري”، في إشارةٍ إلى مقتل تسعة مدنيين على الأقل وإصابة أكثر من 30 آخرين في غارات جوية روسية على إدلب يوم الأحد.
واكتفت وسائل الإعلام الموالية للأسد بالصمت حيال التمرد، فيما قالت صحيفة الوطن الموالية للحكومة أن “بريغوزين صدم العالم” بالتحرك ضد موسكو.
ليبيا
ساعد مرتزقة فاغنر القائد العسكري وأمير الحرب خليفة حفتر على السيطرة على المناطق الجنوبية والشرقية من البلاد.
في أواخر عام 2020، تحدث شهود عيان عن مقتل أكثر من 70 مدنيا بينهم أطفال في انفجار الألغام التي زرعها المرتزقة لإسناد حملة حفتر الفاشلة على طرابلس.
وقال عادل عبد الكافي، الخبير العسكري الليبي، أن التمرد كان فرصة “قدمت على طبق من ذهب” لطرد قوات فاغنر من ليبيا، مضيفاً أن القادة والسياسيين الليبيين يمكن أن يمنعوا المرتزقة من الاحتفاظ بجبهة على أراضيها.
في غضون ذلك، قال أبو القاسم قازيت، عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، إن فك الارتباط بين فاغنر والاتحاد الروسي سيضعف موسكو ويجعلها “فريسة للمعسكر الغربي”.
وقال قاسم دبارز ، عضو آخر في مجلس الدولة، إن التطور سيؤثر حتما على ليبيا “بطريقة قد تكون غير مباشرة”.
السودان
لعبت فاغنر دورًا في السودان منذ عام 2019 على الأقل، عندما تم نشرها هناك خلال حكم الرئيس السابق عمر البشير.
ويُعتقد الآن أن المجموعة، التي تقيم علاقاتٍ مع طرفي النزاع، تتكفل الآن بشكل أساسي بتأمين الحماية لمناجم الذهب.
ولم يصدر أي تعليق رسمي من الجيش أو قوات الدعم السريع بشأن التمرد، لكن العديد من المعلقين على وسائل التواصل الاجتماعي عمدوا إلى إجراء مقارنات بين منظمة مراسلون بلا حدود وفاغنر.
وقال مات ناشد، وهو صحفي متخصص في الشؤون السودانية:” الحكومات الاستبدادية والديكتاتوريات العسكرية بحاجة فعلاً إلى التوقف عن تمكين أو خلق أو الاستعانة بمصادر خارجية للعنف كالقوات شبه العسكرية أو الشركات العسكرية الخاصة”.
وتداول النشطاء رمزاً تعبيرياً متحركاً (ميم)، يظهر قوات فاجنر وهي ترقص على الموسيقى الشعبية السودانية مع توضيح يقول “الجنجويد الروسي”، للربط بين المرتزقة والميليشيا التي تشكلت منها قوات الدعم السريع.
وقال المسؤول في حركة قوى الحرية والتغيير المؤيدة للديمقراطية، صلاح مناع، أن بوتين “قال لا للحرب” وبدلاً من ذلك اختار السلام الذي وصفه بأنه “اختيار الأبطال والشجعان”.
لكن تغريدته جوبهت بسخريةٍ واسعةٍ من المتابعين الذين حيث استشهدوا بممارسات موسكو في أوكرانيا.
إيران
وسارعت إيران، الحليف الرئيسي لروسيا، إلى دعم بوتين في مواجهة تمرد فاغنر، ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية، ناصر كنعاني، التطورات بأنها شأن داخلي، مشيراً إلى أن طهران “تدعم سيادة القانون في روسيا الاتحادية”.
ونقلت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء عن وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان استنكاره لأي تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية الروسية، خلال اتصال هاتفي بسيرجي لافروف.
لكن النائب وعضو لجنة السياسة الخارجية حشمت الله فلاحت بيشه عبر عن اعتقاده بأن الرئيس الروسي قد فقد السلطة.
وقال:” من الواضح بطبيعة الحال أن بوتين لا يمكن أن يكون له مستقبل مستقر، سنعود إلى حقبة بوريس يلتسين”، في إشارة إلى سلف بوتين المحاصر.
في غضون ذلك، احتفل المنشقون والناشطون الإيرانيون المعارضون بالحرب الأهلية في روسيا.
وقال علي رضا نادر، من الاتحاد الوطني للديمقراطية في إيران “الدكتاتوريون يسقطون والأنظمة تسقط والحرية تتحقق، لا تصدق الرافضين، واستمر في فعل ما تعتقد أنه صحيح”.
أما عامر طاهري، وهو محرر صحيفة إيرانية سابق، فخاطب آية الله علي خامنئي في تغريدة قائلاً:” إذا كنت تأمل أن يسارع فلاديمير بوتين لإنقاذ نظامك المتداعي في وقت الأزمات كما فعل مع بشار الأسد في سوريا، ففكر مرة أخرى”.
جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي
ويقال إن فاغنر نشط في العديد من البلدان الأفريقية، غير العربية، بما في ذلك موزمبيق ومدغشقر ومالي وجمهورية إفريقيا الوسطى.
في مالي، عمل الحكام العسكريون الذين استولوا على السلطة في انقلاب عام 2021 عن كثب مع المرتزقة الروس الذين اتهمتهم المنظمات الدولية بارتكاب انتهاكات تشمل عمليات الإعدام والعنف الجنسي والاختفاء القسري.
أما في جمهورية أفريقيا الوسطى، فيعمل مقاتلو فاغنر في الخدمات الأمنية لرئيس البلاد التي يقيم على أراضيها 1890 “مقاول روسي” يعتقد أنهم أصحاب يدٍ طويلةٍ في عقود الماس والذهب والأخشاب مقابل دعمهم الأمني.
ويوم الأحد، ذكرت صحيفة ديلي بيست أن مسؤولي جمهورية إفريقيا الوسطى قلقون من أن المواجهة بين بوتين وبريغوزين يمكن أن تنهي عمليات فاغنر في البلاد.
وقال أحد مستشاري الرئيس تواديرا:” يلعب الروس دورًا مهمًا للغاية في البنية الأمنية لبلدنا، وإذا أُجبروا على الانسحاب تمامًا، فقد تصبح الأمور فوضوية”.