دخلت أعمال الشغب التي هزت فرنسا يومها الثالث الجمعة، حيث تم اعتقال أكثر من 667 شخصًا خلال ساعات الليل، وفقًا لوزير الداخلية جيرالد دارمانين.
وقال دارمانين في تغريدة على تويتر إن الشرطة واجهت عنفًا “نادرًا” في المواجهات مع المتظاهرين.
وتأتي الاضطرابات رداً على مقتل الصبي ناهل م الذي يبلغ من العمر 17 عاماً وهو من أصولٍ جزائريةٍ مغاربيةٍ على يد ضابط شرطة في ضاحية نانتير غرب باريس يوم الثلاثاء.
وعقد الرئيس إيمانويل ماكرون اجتماعاً أمنياً طارئاً حث فيه على العودة إلى النظام، بينما أدان لاعب كرة القدم الفرنسي كيليان مبابي والممثل عمر سي وحشية الشرطة.
وتعد اندلاع أعمال العنف الأخيرة من بين أسوأ الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ احتجاجات عام 2005.
ماذا نعرف حتى الان؟
صباح الثلاثاء، كان الشاب ناهل يقود سيارته في ضاحية نانتير في باريس، عندما أوقفته الشرطة لسوء سلوكه على الطريق.
وبعد حوارٍ قصير، تم تسجيله عبر هاتف خلوي لأحد المارة من المكان، سحب ضابط الشرطة سلاحه وأطلق النار على ناهل من مسافة قريبة بعد أن أعاد تشغيل محرك السيارة التي سارت بضعة أمتار قبل أن تصطدم بعمود.
وقال المدعي العام في نانتير إن ناهل قتل في موقع الحادث برصاصة واحدة اخترقت ذراعه اليسرى وصدره، وأنه كان يقود سيارته بدون رخصة في ممر للحافلات عندما حاول الضباط منعه، مؤكداً أن الضابط المتورط محتجز للاشتباه في ارتكابه جريمة قتل متعمد.
لماذا بدأت الاحتجاجات؟
في البداية، زعمت مصادر بالشرطة الفرنسية أن الفتى صدم ضابطي الشرطة اللذين أوقفاه، لكن مقطع الفيديو الذي تم تسجيله أظهر أنهما لم يكونا يواجهان أي خطر لأن السيارة كانت تسير مبتعدة.
أدت الروايات المختلفة إلى غضبٍ واسع النطاق وغذت الاعتقاد السائد بأنه لولا شريط الفيديو، لكان من الممكن تصديق رواية الشرطة الأولية للأحداث.
كان ناهل، الطفل الوحيد لوالدته مونية، يعمل في توصيل البيتزا ولعب في دوري الرجبي المحلي، والتحق بكلية للتدريب كفني كهرباء، ولم يكن له سجل سوابق جنائية لدى الشرطة.
عقود من التوتر مع الشرطة
وفي أعقاب الحادث، خرج أهالي نانتير إلى شوارع الضاحية للاحتجاج، بمن فيهم والدة ناهل التي تعرضت للغاز المسيل للدموع من قبل الشرطة.
وظهرت والدته في مقطع فيديو على انستغرام برفقة ناشط عنيف ضد الشرطة قائلة:” فقدت طفلاً عمره 17 عامًا، أخذوه وهو لا يزال طفلاً بحاجةٍ إلى أمه”.
وتابعت:” هذا الصباح قال: أمي أنا أحبك، فقلت له: كن حذراً”.
نزل الناس إلى الشوارع للاحتجاج، وأضرموا النار في السيارات وفي المباني العامة، بما في ذلك المدارس وقاعات البلديات ومقر أولمبياد باريس 2024 في سين سان دوني وألقوا المقذوفات على الشرطة.
ومرة أخرى، تتحول حالة عدم الثقة والعداء الممتدة لعقود تجاه قوات الشرطة، التي اعتبرها المواطنون الفرنسيون من خلفيات مهاجرة على نطاق واسع على أنها عنصرية مؤسسية ومعادية لهم، إلى احتجاجات جماهيرية.
وحتى الآن تم نشر 40 ألف شرطي لمواجهة الاضطرابات في جميع أنحاء البلاد، بينهم 5000 عنصرٍ في باريس.
ماذا حدث لضابط الشرطة؟
وقال المحامي الذي يمثل الشرطي الذي أطلق النار على ناهل إن الضابط اعتذر للأسرة وإنه “منزعج” مما حدث.
وأوضح المدعي العام في نانتير، باسكال براش، أمس إن الضابط الذي يواجه تهمة القتل العمد لم يستوف “الشروط القانونية لاستخدام السلاح”.
ورفض عضو بارز بإحدى نقابات الشرطة الرئيسية في فرنسا يوم الجمعة وصف الشرطة بالعنصرية.
وقال تييري كلير، نائب الأمين العام لشرطة UNSAD لبرنامج نيوزداي في إذاعة بي بي سي وورلد سيرفيس أنه لا يمكن التحكم في الناس بسبب لون بشرتهم، متابعاً:” المضي في السيطرة على شخص ما واعتقاله يتم بالنظر إلى الحقائق”.
وختم:” الشرطة الفرنسية ليست عنصرية، يمكن أن يكون هناك بعض السلوكيات على الحدود وقد تمت معاقبة بعض الضباط، وأحيانًا طردهم لمثل هذه الأفعال، لكن هذا هامشي، كما يحدث في أي شركة أو مؤسسة”.