أسهم الخلاف الدائر بين مصر ودولة الاحتلال حول معبر رفح في وضع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في مأزق حقيقي في ظل تباطؤ التقدم الطفيف الذي كانت إدارته قد حققته في ملف زيادة كمية المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وظلت إدارة بايدن تقول لعدة أشهر أنها تمنح الأولوية لزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث تضاعف عدد شاحنات المساعدات التي دخلت غزة من 2,545 شاحنة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر إلى 5,671 شاحنة في نيسان/أبريل، وفقاً للأمم المتحدة.
يمثل هذا العدد 37% فقط من عدد الشاحنات التي كانت تدخل غزة قبل اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر، عندما كان 80% من سكان القطاع يعتمدون على المساعدات، غير أن الوضع زاد تدهوراً مع إغلاق معبر رفح الحدودي.
فقد حذر برنامج الغذاء العالمي هذا الأسبوع من أن “التقدم المتواضع” الذي تم إحرازه في تعزيز عمليات إيصال المساعدات معرض للخطر وأن شبح المجاعة “مازال ماثلاً” في القطاع.
وقالت وكالة الأمم المتحدة إنها لم تتمكن من الوصول إلى مستودعاتها في رفح منذ أكثر من أسبوع بسبب القتال هناك.
وتتمحور الأزمة في رفح، المدينة الحدودية جنوب قطاع غزة حيث يقيم أكثر من مليون فلسطيني، والمنفذ الرئيسي للمساعدات إلى القطاع عبر معبره مع مصر.
وكانت سلطات الاحتلال قد سيطرت على الجانب الفلسطيني من المعبر في وقت سابق من هذا الشهر في هجوم أثار غضب مصر التي تشعر بالقلق من إمكانية امتداد القتال إلى شبه جزيرة سيناء المضطربة في ظل أزمة لاجئين تلوح في الأفق على طول الحدود.
وفي اتصال هاتفي يوم الاثنين مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن معارضة إدارة بايدن للتهجير القسري للفلسطينيين من غزة.
وقدمت دولة الاحتلال اقتراحاً يقضي بفتح المعبر بينما تواصل هجومها على أجزاء أخرى من رفح وتحتفظ بالسيطرة الأمنية.
وبحسب رويترز، فقد قالت مصر أنها لن تعترف إلا بالسيطرة الفلسطينية على رفح، في حين استبعدت السلطة الفلسطينية إدارة المعبر تحت “حكم الاحتلال”، بحسب تقارير إعلامية عربية.
وينطوي الهجوم على رفح على تحديات خاصة تحتم على إدارة بايدن حلها لأنها تجمع بين الحاجة الفورية لزيادة المساعدات للفلسطينيين الذين يتضورون جوعاً في غزة ومواقف الاحتلال بشأن كيفية التحكم في معبر القطاع المحاصر في المستقبل.
وقال ديف هاردن، المدير السابق لبعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الضفة الغربية وقطاع غزة أن تحركات سلطات الاحتلال عند معبر رفح يشير على ما يبدو إلى “احتلال عسكري طويل الأمد”.
وأضاف: “وبقدر ما يتخذ الاحتلال خطوات في هذا الاتجاه، فإن إدارة بايدن ستعارضها”.
وتقف إدارة بايدن على خلاف مع الاحتلال بشأن خطة ما بعد الحرب للقطاع.
فقد استبعد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عودة السلطة الفلسطينية لحكم غزة وأبدى غضبه من الدعوات لاتخاذ خطوات ذات معنى نحو حل الدولتين الذي يمكن أن يحظى بدعم الدول العربية المجاورة.
كما ترفض مصر التزحزح في هذا النزاع لأنها تشعر أن الاحتلال انتهك معاهدة السلام الموقعة بين البلدين منذ 45 عاماً والاتفاقات الجديدة التي تنص على نشر قوات على جانبي المعبر.
ونشرت مصر يوم الخميس ناقلات جند مدرعة إضافية وجنوداً على حدودها مع غزة في شمال شرق سيناء، حيث يرى المحللون أن مصر تعتبر الهجوم تهديداً مباشراً لأمنها القومي.
وقالت ميريت مبروك، مديرة برنامج مصر بمعهد الشرق الأوسط، أن مصر تواجه تدفقاً للاجئين الفلسطينيين في الوقت الذي تمر فيه بأسوأ أزمة اقتصادية منذ 60 عاماً”، موضحةً أن “التحديات التي تواجه مصر جدية للغاية”.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد اتخذ خطوة نادرة عندما وصف دولة الاحتلال يوم الخميس بأنها “موهومة”، وقال في قمة الجامعة العربية في البحرين “وجدنا أن الاحتلال يواصل التنصل من مسؤولياته والتهرب من الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار”.
يقول المحللون إنه من غير المرجح أن تعلق مصر معاهدة السلام مع دولة الاحتلال بسبب النزاع، ولكن يمكنها أن تعيق بهدوء التعاون في المسائل الأمنية التي تحتاجها كل من الولايات المتحدة وتل أبيب مثل تضييق الخناق على أي أنفاق متبقية لحماس بين سيناء وغزة”.
وقال ديفيد ويتي، العقيد السابق في القوات الخاصة بالجيش الأمريكي الذي خدم في مصر ومؤلف كتاب “العلاقة العسكرية الأمريكية المصرية أنه يمكن لمصر أن تبدأ في إجراء عمليات تفتيش “شكلية للأنفاق”.
وأضاف “إذا توقفت مصر عن التعاون مع الاحتلال فقد تكون هناك مشكلة”.