“مجزرة الطنطورة” وثائقي تاريخي يُعرض لأول مرة في البافتا في لندن

بقلم ندى عثمان

ترجمة وتحرير مريم الحمد

قامت الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون “بافتا” بعرض الفيلم الوثائقي “الطنطورة“، والذي يكشف تفاصيل المجزرة التي حلت بأهل البلدة الفلسطينية الساحلية خلال النكبة، من خلال شهادات ومقابلات مسجلة مع عدد من الجنود الإسرائيليين القدامى الذين حضروا عملية القتل في الطنطورة.

وتزامن العرض الذي نظمه المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين (ICJP) مع ال مع الذكرى 75 لوقوع المجزرة في 22 مايو عام 1948، والتي تجاوزت تقديرات عدد القتلى فيها 200 فلسطيني، الأمر الذي ورد على لسان أحد الجنود القدامى في الفيلم بقوله “لم أحسب، لا أعرف حقاً، كان لدي مدفع رشاش فيه 250 رصاصة”.

“هناك إحجام كبير عن كشف الجانب المظلم والتطهير العرقي الذي حدث عام 1948” – المؤرخ الإسرائيلي آفي شلايم

وتعد مجزرة الطنطورة مشهداً من مشاهد ما حصل مع الفلسطينيين خلال عام النكبة، فقصة الطنطورة تجسد تجربة التهجير والفقدان الواسعة التي عانى منها الفلسطينيون، وإذا ما نظرنا إلى الفيلم، فهو يقدم القصة الحقيقية على لسان من ارتكب المجزرة، حقائق لا جدال فيها، ليس فقط في الطنطورة وإنما في قرى ومناطق فلسطينية أخرى، بل حتى ما هو مستمر حتى اليوم، ويغض عنه المجتمع الدولي الطرف إن لم يكن متواطئاً في كثير من الأحيان.

تسجيلات كاتس الإسرائيلي

يركز مخرج “الطنطورة” الإسرائيلي ألون سوارتز على البحث الذي أجراه الأكاديمي الإسرائيلي تيدي كاتس وكانت أطروحته لدرجة الدكتوراة قبل سنوات، وعلى إثره طُرد كاتس من جامعة حيفا ونُبذ على نطاق واسع في إسرائيل، وذلك بسبب النتائج التي توصل إليها في بحثه.

يتحدث الفيلم عن تأثير الضغوطات التي تعرض لها كاتس في محاولة لإجباره للتراجع عن نتائج أطروحته، حتى وصل الأمر إلى دعاوى قضائية رُفعت ضده بالإضافة إلى فصله من جامعة حيفا التي كان يعمل بها.

قام كاتس في بحثه بجمع أكثر من 100 ساعة من الشهادات المسجلة من 135 ناجياً فلسطينياً بالإضافة إلى جنود إسرائيلين حضروا المجزرة، ويصور الفيلم كيف هاجم لواء اسكندروني التابع للجيش الإسرائيلي القرية، وكيف قتلوا المدنيين، فيما لاذ آخرون بالفرار.

يسلط فيلم شوارتز الضوء على عقلية الوحدات في الجيش الإسرائيلي، من خلال اعترافات الجنود بالصوت والصورة ووصفهم لما حصل، يقول أحد الجنود بالفيلم “قتلناهم بالطبع قتلناهم، قالوا لنا لا داعي للقلق على الإطلاق”، كما تحدث جنود آخرون عن كيفية اعتقالهم للنساء والاطفال والرجال، وإرسال الرجال إما إلى معسكرات الاعتقال أو إعدامهم بالرصاص، يعترفون بالقتل في الفيلم.

اليوم أصبحت قرية الطنطورة، الواقعة جنوب حيفا، منطقة ترفيهية إسرائيلية على الشاطئ، يأتيها الإسرائيليون للسباحة ومشاهدة المعالم السياحية، أما موقع القبر الجماعية التي دُفن فيها أهالي القرية فتحولت إلى ساحة انتظار للسيارات قرب المنتجع!

عُرض الفيلم على جمهور في لندن مكون من محامين وأكاديميين وصحفيين وفلسطينيين في الشتات بالإضافة إلى متضامنين مع الشعب الفلسطيني، ثم أُقيمت حلقة نقاش حضرتها مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش في بريطانيا، ياسمين أحمد، والمؤرخ الإسرائيلي آفي شلايم، والمخرجة الفلسطينية هالة جبرائيل وغيرهم.

في المرة القادمة التي يحاول فيها أحد إنكار المجازر الإسرائيلية قل له “تذكر الطنطورة”!

لابد من التوقف عند تعليق المؤرخ الإسرائيلي شلايم، الذي رحب بفكرة الفيلم وهدفه، مع التحذير من زاوية طرحه التي اعتبرها “إسرائيلية للغاية”، وأضاف “السبب في أن الفيلم يثير الكثير من المشاعر القوية هو أنه يعرض جوهر تصور إسرائيل لنفسها مقابل ما تروج له من أنها دولة ليبرالية محبة للسلام، وأن الحرب التي قامت بها كانت من أجل الدفاع عن نفسها ضد العرب المفترسين”، مقابل ذلك “هناك إحجام كبير عن كشف الجانب المظلم والتطهير العرقي الذي حدث عام 1948”.

خلال الندوة، سُئل شلايم عن دور الأيديولوجية الصهيونية في التطهير العرقي للفلسطينيين ، قال “كانت الحركة ذات أيديولوجية تفردية وعنصرية، فإسرائيل تعرف عن نفسها أنها يهودية ديمقراطية، لكن الحقيقة أنها لا يمكن أن تكون يهودية وديمقراطية في ذات الوقت”.

أما المخرجة السينمائية جبرائيل، فهي من قرية الطنطورة وكان والدها أحد الناجين وشاهداً على القتل، أثنت على الفيلم ودعت إلى اهتمام مماثل كذلك بأعمال الفلسطينيين، أما المركز الدولي للعدالة فعبر عن أمله من أن يسهم الفيلم في إثارة الجدل حول الانتهاكات الإسرائيلية إبان النكبة، وخلص الحاضرون إلى أنه في المرة القادمة التي يحاول فيها أحد إنكار المجازر الإسرائيلية قل له “تذكر الطنطورة”!

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة