آزاد عيسى
طالب ائتلاف حقوقي مكون من مجموعة من المنظمات الأمريكية بإطلاق سراح “خمسة الأرض المقدسة”، وهم مجموعة من الرجال الأمريكيين من أصول فلسطينية، أدينوا في أمريكا بتمويل الإرهاب في قضية تقول عنها المنظمات المدافعة عن الحريات المدنية أنها نموذج للاستهداف غير المتكافئ للجمعيات الخيرية المسلمة في مرحلة ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول).
وبحسب موقع “ميدل إيست آي” أطلقت الحملة يوم الخميس من قبل عدة جهات منها مجموعة تسمى “في حياتنا” وائتلاف الحريات المدنية وشبكة صامدون للدفاع عن الأسرى، بينما نظمت عائلات المتهمين وقفة في الذكرى السنوية لإدانتهم.
وجاء في بيان صادر عن مجموعة “في حياتنا” التي يقودها فلسطينيون: “في الرابع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر، تمر الذكرى السنوية الرابعة عشر منذ أن أدين وسجن ظلما في الولايات المتحدة خمسة الأرض المقدسة، لجريمة إرسال الطعام والدواء للأيتام في فلسطين”.
وأضافت المجموعة: “ثلاثة منهم مازالوا مسجونين حتى اليوم، آن لهم أن يعادوا إلى بيوتهم”.
ألقي القبض على الرجال الخمسة في عام 2004 بتهم تدعي أن “مؤسسة الأرض المقدسة” منظمة إرهابية تمول حماس، الحركة السياسية الفلسطينية التي صنفتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية في عام 1995.
وبينما انتهت المحاكمة الأولى إلى عدم وصول هيئة المحلفين إلى قرار، أفضت المحاكمة الثانية إلى إصدار عقوبات سجن مطولة بحق كل واحد منهم، بعد إدانتهم بتقديم “الدعم المادي للإرهاب”.
شكري أبو بكر، ومعه أربعة أفراد أمريكيين من أصول فلسطينية: مفيد عبد القادر، وغسان العشي، ومحمد مزين، وعبد الرحمن عودة، أصبحوا يعرفون باسم خمسة الأرض المقدسة.
وفي حديث مع موقع “ميدل إيست آي”، قالت ندى أبو بكر، ابنة شكري: “كانت الأعوام الأربعة عشر الماضية في غاية القسوة بالنسبة لعائلتي”.
وأضافت: “أما أبي، فقد اضطر لمعاناة ذلك وحيدا في زنزانته داخل السجن، بلا حول ولا قوة، توفي أفراد من عائلتنا وولد آخرون، وكل ذلك دون أن يكون حاضرا معنا”.
يُحتجز أبو بكر حاليا في سجن بيمونت الأمريكي، وهو سجن تحت الحراسة المشددة في تكساس، حيث تندلع من حين لآخر أعمال عنف بين النزلاء، كان آخرها حادثة وقعت هذا العام وأودت بحياة العديد من السجناء.
ندى أبو بكر: ” أوشك أبي أن يموت، وهذا ما لا اريد حدوثه مرة أخرى”
أصيب شكري أبو بكر، قبل بضعة أسابيع، عندما أطلق الحراس الغاز المسيل للدموع داخل السجن، أثناء مشاجرة اندلعت بين العديد من النزلاء حينذاك، وعلى إثرها تضررت رئتا شكري أبو بكر وسقط مغشيا عليه، ثم نقل على عجل إلى المستشفى.
وتقول ندى أبو بكر: “كاد أن يموت هذه المرة، ولا أريد لذلك أن يتكرر، لن أنتظر حتى يموت والدي، لا بد من الوقوف على هذا الامر وعمل شيء ما “
تلقى كل من شكري أبو بكر وغسان العشي حكما بالسجن لخمسة وستين عاما، وتلقى مفيد عبد القادر حكما بالسجن لعشرين عاما، أما محمد مزين وعبد الرحمن عودة فكان نصيب كل منهما خمسة عشر عاما، وقد تم إخلاء سبيلهما.
وإذا ما تم استكمال مدة الاعتقال لكل من أبو بكر والعشي فإن عائلاتهم ستنتظر حتى عام ٢٠٦٤ حتى تستطيع رؤيتهم أحرارا.
ينبغي أن تدفع لهم تعويضات
وتعتبر مجموعات الدفاع عن الحريات المدنية أن القضية جزء من الاستهداف للجمعيات الخيرية المسلمة، خاصة أن التهم تتعلق بتقديم المساعدات للفقراء الفلسطينيين عبر لجان الزكاة.
ويقول الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية إن قضية “مؤسسة الأرض المقدسة” هي جزء من نمط انتهجته الحكومة في الولايات المتحدة لاستهداف الجمعيات الخيرية القائمة على الانتماء الديني، “بناء على تهم غير مثبتة وبدون الحماية التي توفرها عادة الإجراءات القانونية السليمة”.
ولم يرد اسم أي من لجان الزكاة المذكورة في لائحة الاتهام ضمن أي قائمة من قوائم تصنيف الإرهاب في الولايات المتحدة، هذا بالإضافة إلى أن الوكالة الحكومية الأمريكية ” يو إس إيد” كانت تعمل مع لجان الزكاة نفسها تلك، واستمرت في العمل معها بعد إغلاق “مؤسسة الأرض المقدسة.”
تقول ندى أبو بكر: “نود أن نعلن على الملأ؛ حتى يعلم الناس أن ثمة أبرياء داخل السجن لا بد من إطلاق سراحهم الآن”.
في الثامن عشر من كانون الأول/ ديسمبر، سوف تُمنح “مؤسسة الأرض المقدسة” جائزة ساكو – فانزيتي للعدالة الاجتماعية من قبل كنيسة المجتمع في بوسطن، وتحمل هذه الجائزة اسم نيكولا ساكو وبارتولوميو فانزيتي، وهما مهاجران إيطاليان أعدما في عام 1927 بتهمة السطو المسلح والقتل، وذلك بعد محاكمة اعتبرت متحيزة بسبب العداء للجالية الإيطالية في ذلك الوقت.
بعد مرور خمسين عاما على إعدامهما، أعلن حاكم ولاية ماساشوستس مايكل دوكاكيس أن المحاكمة لم تكن عادلة، ولكن بالنسبة لعائلات وأنصار “خمسة الأرض المقدسة”، تُعتبر الخمسون عاما مدة طويلة جدا لا يمكن انتظارها حتى يقال لهم ما يعرفونه أصلا حول كونهم بريئين من التهم الموجهة إليهم.
وفي تصريح لـ”موقع ميدل إيست آي”، قال ميكو بيليد، الناشط الحقوقي ومؤلف كتاب الجور: حكاية خمسة الأرض المقدسة: ” لا يقتصر الأمر على أنهم لم يقوموا بأي فعل خاطئ، بل نحن نتكلم عن ثلة من أطيب الناس لن تقابل في حياتك أكرم منهم”.
وأضاف: ” إنه إخفاق مريع للعدالة، لا يمكن للمرء أن يصدق ذلك، يجب أن يخلى سبيل هؤلاء الناس، بل ويجب أن تدفع لهم تعويضات على ما ارتكب بحقهم من جور رهيب”.