استغرق مرشح الرئاسة التركية كمال كيليتشدار أوغلو أربعة أيام قبل عودته للظهور مجدداً عقب خسارته في الجولة الأولى من الانتخابات التي أجريت الأحد الماضي.
وفي قاعة المؤتمرات التي تحدث فيها، خاطب كيليتشدار أوغلو مؤيديه بأسلوب متحمس، ولكنه مثير للانقسام، ودعا الجميع في تركيا إلى الاختيار بين حكومة يقودها الرئيس رجب طيب أردوغان، مدعياً أنها ستجلب “10 ملايين لاجئ إضافي”، وبينه كمرشح يعد بحماية الحدود التركية وإعادة جميع اللاجئين.
وتوقع أحد مسؤولي حزب الشعب الجمهوري المعارض الذي يتزعمه كيليتشدار أوغلو أن تكون حملة المرحلة الثانية من الانتخابات شديدة الاستقطاب والتوتر و” أكثر قومية”.
وأضاف:” موضوعنا الرئيسي هو الخوف، وسنذكر الجميع بما ستكون عليه السنوات الخمس المقبلة إذا أعيد انتخاب أردوغان “.
وتضمن خطاب كيليتشدار أوغلو لغة يمكن اعتبارها قومية متطرفة، ووعد بمحاربة الإرهاب إلى أقصى حد وحذر من التهديد المزعوم للاجئين، ومن تواصل انخفاض سعر الليرة في ظل حكم أردوغان.
من المثير للاهتمام أن فريق كيليتشدار اوغلو استغرق أربعة أيام لجدولة استراتيجية جولة الإعادة، فعلى ما يبدو، لم يكن لديهم شيء جاهز.
لقد كان من الواضح أن المعارضة كانت تأمل في تحقيق نصر في الجولة الأولى في 14 أيار / مايو بناءً على استطلاعات الرأي العامة التي أشارت إلى أن كيليتشدار أوغلو سيتجاوز نسبة 50% اللازمة للفوز مباشرة دون جولة الإعادة.
لكن هذا الانتصار لم يتحقق، بل تخلف كيليتشدار أوغلو عن أردوغان بنسبة 44.96% مقابل 49.4 % للرئيس، ولم تكن هناك استراتيجية احتياطية في متناول اليد.
وقال مسؤول تركي آخر في المعارضة:” أصبح الآن لدينا استراتيجية بعد أن غطانا الإحباط.”
“سنحاول استدراجهم”
من أجل تحقيق ذلك، لم يجدد كيليتشدار أوغلو عقده مع الشركة التي أدارت حملته في الجولة الأولى، وقام عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو بتشكيل فريق جديد.
ويقر مسؤولو المعارضة بأنهم يتخذون منحى قوميًا على وجه التحديد لجذب نسبة الخمسة في المائة من الأصوات التي حصل عليها المرشح القومي المتطرف سنان أوغان في الجولة الأولى.
وأصبحت أصوات القوميين بمثابة “كعب أخيل” لكيليتشدار أوغلو منذ أن بدأ أردوغان في استخدام تحالف المعارضة الضمني مع حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد لصالحه.
اتهم أردوغان كيليتشدار أوغلو بأنه “إرهابي” لحصوله على دعم حزب الشعوب الديمقراطي، الذي له صلات أيديولوجية بجماعة حزب العمال الكردستاني المسلحة.
لكن المعارضة تمتلك أساليب أكثر دقة للوصول إلى مجموعة أكبر من الناخبين.
إذ يعول مسؤولوها على جذب أصوات نحو ثمانية ملايين ناخب لم يصوتوا على الإطلاق أو أدلوا بأصوات باطلة في الجولة الماضية التي بلغ الفارق بين المرشحين فيها 2.5 مليون صوت لصالح أردوغان.
“لم يُدل نصف ناخبي الجيل زد بأصواتهم في قونية لاعتقادهم بعدم جدوى أصواتهم للتغيير الحقيقي” مسؤول في حزب الشعب الجمهوري المعارض.
وتتحدث المعارضة عن الأداء الضعيف لشريحتي الجيل z والناخبين الأكراد في المرحلة الأولى من الانتخابات وهما الشريحتين اللتين كانت تعول عليهما لفوز مرشحها كيليتشدار أوغلو.
لهذا السبب، من المتوقع أن يظهر كيليتشدار أوغلو على قناة “بابالا” على يوتيوب، وهو برنامج سياسي شهير يشاهده الملايين من الناخبين من الجيل زد.
كما أجرى مكالمة هاتفية مع المغرد الشهير على منصة تويتر أحمد سونوتش للاستفادة من خطابه القومي ذي الصدى القوي لدى الشباب.
كما عانت المعارضة من الانخفاض الكبير في إقبال الناخبين على الاقتراع في المحافظات ذات الأغلبية الكردية مقارنة بانتخابات 2018، على الرغم من أن كيليتشدار أوغلو تمتع بتقدم مريح في المدن الكردية مثل أغري وفان وموس وقارس بفضل التحالف غير المباشر مع حزب الشعوب الديمقراطي.
وفي بعض المدن، كانت نسبة المشاركة أقل بسبع نقاط مما كانت عليه قبل خمس سنوات.
وعبر المسؤول في المعارضة عن خشيته من أن يكون القوميون المتشددون الأكراد قد قاطعوا التصويت، وقال:” إذا صوتوا في جولة الإعادة، فقد يحدث تغيير كبير”.
وقد أكد حزب الشعوب الديمقراطي أنه لا يزال يدعم كيليتشدار أوغلو في جولة الإعادة.
حافظ على إمام أوغلو في اسطنبول
لكن من الواضح أن أداء كيليتشدار أوغلو كان ضعيفًا أيضًا في مدن رئيسية مثل اسطنبول وأنقرة، حيث سبق أردوغان بنقطتين فقط.
وقال المسؤول المعارض الثاني:” كان رئيس بلدية اسطنبول إمام أوغلو رصيدًا كبيرًا لحملتنا، لكن ربما كان من الخطأ جعله يقوم بحملات في أماكن مثل فان، وبدلاً من ذلك، سيقوم بحملته هذه المرة في مناطق إسطنبول”.
ويقول المسؤولون إن كيليتشدار أوغلو لا يخطط لعقد تجمعات، بل سيلتقي بالقادة المحليين في اجتماعات مغلقة، حيث يؤدي أداءً أفضل.
ومن المتوقع أيضًا أن يزور كيليتشدار أوغلو المناطق التي ضربها الزلزالان المزدوجان المدمران في شباط (فبراير) والتي تعرض فيها لهزيمة ثقيلة، باستثناء هاتاي.
كما وعد كيليتشدار أوغلو يوم الخميس بتعيين ما لا يقل عن خمسة مراقبين لكل صندوق اقتراع لضمان يوم انتخابات آمن من شأنه منع حدوث مخالفات في التصويت والتزوير.
وخلال خطاب كيليتشدار أوغلو يوم الخميس، تغيب بشكل ملحوظ قادة الأحزاب الأخرى التي تشكل طاولة الستة.
وقال مسؤولو المعارضة إن ذلك لم يكن مصادفة، وذكر المسؤول الثاني “تركنا الانتخابات البرلمانية وراءنا، الأمر الآن يتعلق بسباق بين اسمين.”
كما كان أداء المعارضة سيئًا في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 14 أيار/ مايو، في مواجهة استراتيجية الحكومة التي اتهمت تحالف طاولة الستة، الذي يضم مجموعة من أحزاب يسار الوسط والقومية والإسلامية بالتباين الشديد في الحكم.