سيناتور أمريكي يقدم مشروع قانون لإعادة تعريف الضفة الغربية المحتلة باسم “يهودا والسامرة”

قدم السيناتور الأمريكي توم كوتون مشروع قانون لمجلس الشيوخ بهدف إلغاء استخدام مصطلح “الضفة الغربية” واستخدام مصطلح  “يهودا والسامرة” بدلاً من ذلك، تحت حجة أن المصطلح الأخير يتوافق مع ادعاءات إسرائيل التاريخية والدينية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث يعد “يهودا والسامرة” هو المصطلح الإسرائيلي للضفة الغربية المحتلة.

ويعكس التشريع المقترح من قبل كوتون مشروع قانون كان قد قدمه النواب، كلوديا تيني وراندي ويبر وأنتوني دي إسبوزيتو، ممثلين عن مجلس النواب الأمريكي في وقت سابق من هذا العام.

“لدى الشعب الإسرائيلي حق تاريخي وقانوني لا يمكن إنكاره ولا جدال فيه على يهودا والسامرة، وفي هذه اللحظة الحرجة من التاريخ، يجب على الولايات المتحدة أن تؤكد ذلك من جديد” – كلوديا تيني- الحزب الجمهوري

إذا ما تم إقرار المشروع، فسوف يترتب على ذلك إجراءات تتعلق بإزالة جميع الإشارات إلى “الضفة الغربية” من وثائق الحكومة الأمريكية واستبدالها بالاسم التوراتي.

جاء في بيان كوتون: “إن الحقوق القانونية والتاريخية للشعب اليهودي في يهودا والسامرة تعود إلى آلاف السنين، ويجب على الولايات المتحدة التوقف عن استخدام مصطلح الضفة الغربية المشحون سياسياً للإشارة إلى قلب إسرائيل التوراتي”.

تأتي هذه الخطوة وسط انتقادات دولية تتزايد ضد لسياسات إسرائيل في الأراضي المحتلة، ففي يوليو الماضي، أعلنت محكمة العدل الدولية أن احتلال إسرائيل للضفة الغربية غير قانوني بموجب القانون الدولي، مما يشكل تحدياً لشرعية المستوطنات الإسرائيلية، التي يسكن فيها الآن ما يقرب من 700 ألف مستوطن إسرائيلي.

من جانبها، وثقت الأمم المتحدة زيادة حادة في أعمال العنف، حيث قُتل ما يقرب من 1000 فلسطيني في الضفة الغربية منذ عام 2022، وذلك بسبب الغارات العسكرية الإسرائيلية وهجمات المستوطنين.

يرى مؤيدو مشروع قانون كوتون بأنه يعزز الدعم الأمريكي لإسرائيل ونشاطها الاستيطاني، وهو الموقف الذي طالما دافع عنه المانحون الجمهوريون مثل ميريام أديلسون، التي قدمت دعماً مالياً كبيراً لحملات الحزب الجمهوري خاصة حملة ترامب الأخيرة.

في فبراير الماضي، أكد وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، أن توسيع المستوطنات في الضفة الغربية يقوض أمن إسرائيل ويتناقض مع سياسة الولايات المتحدة في دعم حل الدولتين، إلا أن الولايات المتحدة لم تفعل الكثير على أرض الواقع لوقف بناء المستوطنات الإسرائيلية باستثناء مجموعة من العقوبات ضد المستوطنين الأفراد!

ويرجع مشروع كوتون إلى عدد من المبادرات الجمهورية السابقة، حيث قدمت النائبة تيني “قانون الاعتراف بيهودا والسامرة”، والذي ينبني عليه تحديث التشريعات الأمريكية القائمة، مثل قانون المساعدات الخارجية لاستبدال عبارة “الضفة الغربية” بعبارة “يهودا والسامرة” في شهر فبراير الماضي.

أعلنت تيني وقتها قائلة: “لدى الشعب الإسرائيلي حق تاريخي وقانوني لا يمكن إنكاره ولا جدال فيه على يهودا والسامرة، وفي هذه اللحظة الحرجة من التاريخ، يجب على الولايات المتحدة أن تؤكد ذلك من جديد”.

“التصويت بنعم على مشروع القانون هذا يمحو وجود الفلسطينيين، فإن للفلسطينيين أيضاً الحق في الوجود” – رشيدة طليب- نائبة أمريكية فلسطينية

لقد ظلت مطالبات إسرائيل بالأحقية في الضفة الغربية، التي احتلتها خلال حرب الأيام الستة عام 1967، بمثابة نقطة اشتعال لعقود من الزمن، ففي حين منحت اتفاقيات أوسلو في التسعينيات حكماً ذاتياً محدوداً للفلسطينيين في أجزاء من الأراضي، إلا أن الأمر أخذ منحنى عكسياً باتجاه تقلصها مع السنين.

لقد أدت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة إلى تفاقم التوترات، حيث اعتبرت جماعات حقوق الإنسان أن عام 2023 هو العام الأكثر دموية بالنسبة للأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

أما مشروع قانون كوتون، فهو يركز على أجندة جمهوريّة أوسع لدعم إسرائيل دون قيد أو شرط مع تجاهل حق تقرير المصير الفلسطيني، خاصة مع استعداد كوتون لرئاسة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في إدارة ترامب القادمة، وبذلك فالتشريع يشير إلى تحول كبير في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط!

موجة متزايدة

في سبتمبر الماضي، أقر مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون يصنف منتجات المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة على أنها “إسرائيلية”، وقد كان هذا المشروع أيضاً برعاية تيني، التي كانت وراء مشروع قانون مجلس النواب المتعلق بإعادة تسمية الضفة الغربية المحتلة.

تجدر الإشارة إلى أن مشروع “قانون العلامات المناهضة لمقاطعة إسرائيل” ذاك، يشكل تمهيداً لسياسة عهد ترامب التي يرى النقاد أنها سوف تعمل على تقويض حق الفلسطينيين المعترف به من قبل الأمم المتحدة، مقابل دعم جهود الضم الإسرائيلية، واستهداف حركة المقاطعة بشكل مباشر كذلك. 

في ذلك الوقت، اعتبر البعض أن تلك السياسة، التي قدمها وزير الخارجية آنذاك مايك بومبيو عام 2020، كانت تدفع الحدود إلى تجاوز خطوط دولية حمراء، واليوم، يقترب هذا القانون من أن يصبح قانوناً أمريكياً دائماً.

تمت الموافقة على مشروع القانون بأغلبية 231 صوتاً مقابل 189، كما حظي بدعم 16 نائباً ديمقراطياً، وينص القانون على عدم تصنيف المنتجات القادمة من الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة معاً، بل بشكل منفصل، مما يمحو بشكل فعال الاعتراف بهوية المنطقتين الموحدة. 

ينص القانون كذلك على أن المنتجات من غالبية الضفة الغربية المحتلة سوف يتم تصنيفها على أنها “منتج إسرائيلي” أو “صنع في إسرائيل”.

حذر منتقدون للمشروع من أن القانون في حال تشريعه، فهو يقوض الجهود المبذولة لدعم الحقوق الفلسطينية، حيث أدان معارضون بمن فيهم عضو الكونغرس رشيدة طليب، مشروع القانون باعتباره خطوة نحو التطهير العرقي، فقالت: “التصويت بنعم على مشروع القانون هذا يمحو وجود الفلسطينيين، فإن للفلسطينيين أيضاً الحق في الوجود”.

في تعليقها، سلطت طليب، العضو الفلسطيني الأمريكي الوحيد في الكونغرس، الضوء على التوجه المقلق للمشرعين الجمهوريين الذين يحرضون على العداء تجاه العرب والمسلمين والفلسطينيين، مشيرة إلى جلسة استماع ردد فيها السيناتور الجمهوري، جون كينيدي مشاعر عنصرية في حديثه للخبيرة العربية الأمريكية مايا بيري، واصفاً إياها بأنها يجب أن “تخفي رأسها في كيس” على حد وصفه.

مقالات ذات صلة